مصداقية الصحف اليومية القومية والخاصة لــدى الجـمــهور في ضوء الأحداث التي شهدتها الساحة المصرية بعد ثورة 25 يناير

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الإعلام ، کلية الآداب، جامعة سوهاج

المستخلص

سعت الدراسة إلى التعرف على  مدى مصداقية کل من الصحف القومية والخاصة، بعد  ثورتي 25 يناير، و30 يونيو وما تلاهما من أحداث ، ومدى التباين في مصداقية کل منها، و علل هذا التباين، وآثار ذلک التباين على متابعة الجمهور لکل منها، ومدى التغير الذي قد يکون طرأ على مصداقية هذه الصحف من وجهة نظر جمهورها، وملامح هذا التغير، وآثار هذا التغير على درجة متابعتهم لها. واستخدمت في ذلک منهج المسح لعينة عمدية قوامها 401 مفردة .
 وقد أشارت نتائج الدراسة- فيما يتعلق بإجابات المبحوثين على تساؤلات الدراسة -  أن ما يقارب من نصفهم(46.9%)  لا يتابعون  الصحف اليومية بشقيها القومي أو الخاص؛ وهي نسبة ليست بالهينة، وتشير  الإجابات  التي تفسر الأسباب التي آدت بهم إلى  ذلک إلى أن ثلاثة أرباعهم يرون  أن العلة الرئيس في ذلک هو "افتقاد  هذه الصحف  للمصداقية"  ، وهي نتيجة تتشابه مع  ما انتهت إليه دراسة (خالد صلاح الدين :2006)   من وجود ارتباط  بين متغيري درجة مصداقية الصحف واعتماد المبحوثين عليها،   والواقع أن ذلک يشير إلى ضرورة مراجعة الصحف اليومية المصرية لسياستها التحريرية   التي تجعلها تفقد  متابعة ما يقارب من نصف الجمهور المثقف لها،   وهو جمهور  أکثر من خمسيه يحملون  درجات ماجستير و دکتوراه .وهو ما يعني قدرتهم على التأثير في الآخرين – الأقل منهم ثقافة- سلبا بتصوراتهم حول مصداقية هذه الصحف وعدم جدارتها بالمتابعة من قبلهم، 
  وفيما يتعلق بأسباب متابعة الصحف اليومية القومية فقط آو الخاصة فقط؛  فقد کان السبب الأول في متابعة بعض المبحوثين للصحف القومية فقط هو "متابعتها الدقيقة للأحداث والقضايا الداخليّة" کذلک"  تناولها الأحداث و القضايا  الدوليّة الهامة باستفاضة". بينما جاء في مقدمة الأسباب التي يُفضل بعض المبحوثين من أجلها متابعة الصحف  الخاصة فقط  " تناولها القضايا بحرية أکبر من الحکومية "     ولعل هذا التناول "بحرية أکبر" التي تتمتع بها الصحف الخاصة في  تعاطيها مع القضايا، هو ما جعل  ثمة انخفاضا واضحا لکثافة متابعة المبحوثين للصحف القومية مقارنة بالخاصة. وهو      ما جعل-أيضا- الصحف الخاصة تحمل قدرا أکبر من المصداقية مقارنة بالصحف القومية، حيث بلغ المتوسط الحسابي العام لاستحقاق الصحف القومية- التي جاءت الأهرام في مقدمتها - أن توصف بالمصداقية (1.83) بينما بلغ في الخاصة(1.94).  وتتشابه هذه النتيجة مع ما انتهت إليه دراسة  (وسام نصر: 2010 ) من أن نمط ملکية الوسيلة ومصادر تمويلها کانت من العوامل المؤثرة على مصداقية هذه الوسائل، وکان هذا التأثير يصب في صالح الوسائل الخاصة ممثلة في الصحف الخاصة والفضائيات الخاصة، والمواقع المصرية غير الحکومية على الانترنت.  کما تتشابه- في  جانب منها- مع نتيجة دراسةNaila N. Hamdy: 2013) ) التي أشارت إلى أن تقييم الجمهور لمصداقية وسائل الإعلام الخاصة (القنوات الخاصة) جاء بدرجة أعلى من وسائل الإعلام الحکومية (التلفزيون الحکومي).
  من ناحية ثانية فإن ضعف مستوى المصداقية بوجهة عام للصحف اليومية سواء القومية أو الخاصة  يتشابه مع نتيجة دراسة "عزة عبد العزيز 1996"  التي توصلت إلى أن  ثمة انخفاضا في مصداقية الصحافة المصرية بشکل عام  . ولا شک أن ضعف مصداقية الصحف هو أمر  يعيق قدرتها على أن تکون مصدرا موثوقا للمعلومات لدى المتلقي، وهو ما يجعله يلجأ إلى  صحف ووسائل إعلام خارجية  لا تنقل له الحقيقة بقدر ما تنقل له ما يخدم أجندة الجهات التي تمولها.
  ولقياس إدراک  المبحوثين للعوامل المؤثرة على مصداقية الصحف عامة ثم وضع  مصفوفة من السمات(26 سمة)   التي يمکن على هداها الحکم  بمصداقيّة  صحيفة ما من عدمه،ثم تم سؤالهم عن مدى التزام کل من الصحف اليومية القومية و الخاصة بهذه السمات التي تقيس  التصديق العام للوسيلة الإعلامية -وهو المستوى الأول من التصديق طبقا للنموذج البنائي-   وقد أکدت  نتائج إجاباتهم    تفوق الصحف الخاصة في درجة  التزامها بهذه السمات، وإن کان هذا التفوق ليس کبيرا  حيث بلغ المتوسط العام لمدى التزام  الصحف  القومية التي  يقرؤها  بعض المبحوثين  بمصفوفة سمات المصداقية ( 1.84) من (3)  بينما بلغ في  الصحف الخاصة(1.91) وهي نتيجة تتشابه – بشکل جزئي – مع  دراسة (  الشيماء محمد حمادي :2007) التي أثبتت تفوق الصحف الخاصة في  درجة مصداقيتها مقارنة بالصحف الحزبية؛ ورغم أنه لا توجد فروق کبيرة بين المتوسط العام لمدى التزام  الصحف اليومية القومية والخاصة  بمصفوفة سمات المصداقية؛  إلا  أن کلاهما يقع في إطار درجة الالتزام المتوسط.  وهو ما يتسق مع نتائج إجابات المبحوثين السالفة حول مدى استحقاق الصحف اليومية القومية أو الخاصة أن توصف بالمصداقية، والتي جاءت متوسطة في مجملها. وهو ما  ينبغي أن يدق ناقوس الخطر لهذه الصحف على نحو يتطلب منها أن تراجع سياستها التحريرية بالصورة التي تمکنها من تلافي جوانب القصور في أدائها التي تجعلها تفقد قدرا واضحا من مصداقيتها لدى قرائها.
  ولمزيد من التعرف على العلل التي تؤثر على انخفاض درجة المصداقية فقد تم طرح تساؤل حول مدي ملاحظة المبحوثين لوجود تغير في درجة مصداقية  الصحف  المصرية اليومية بشقيها القومي و الخاص ، وقد  لاحظ  بالفعل ثلثا المبحوثين  وجود تغير في درجة مصداقية الصحف التي يتابعونها؛ سواء أکانت قومية أو خاصة، ورغم أن ذلک قد يطعن في مصداقية الصحف المصرية  إلا أنه قد يبرر بقوة  تأثير  الأحداث  التي مرت بها مصر والمنطقة على مصداقية هذه الصحف، على النحو الذي يجعل ثبات موقفها من القضايا أمرا ليس يسيرا في ظل التغيرات الهائلة التي حملتها هذه الأحداث. وقد بلغ المتوسط الحسابي العام للتغيرات التي لاحظها المبحوثون  في موقف الصّحف اليومية  القومية من  الأحداث والأطراف الفاعلة في هذه الأحداث، في الفترة التالية لثورة 25 يناير، وإلى  بداية 2017.والتي أثرت على نظرتهم لمصداقيتها ( 1.58). بينما بلغت في الصحف الخاصة ( 1.51) ، وهي نتيجة متقاربة إلى حد کبير، وهو الأمر الذي يُمکن تفسيره بضخامة التحولات والتغيرات التي حملتها هذه الأحداث،  وعلى موقف الدولة والمجتمع من هذه الأحداث،   وقد التفت النموذج البنائي لوسائل الإعلام  إلى  أن ثمة مکونات أربعة  رئيسة لمصداقية وسائل الإعلام  يأتي  في مقدمتها المتغيرات   المستقلة  التي  تأتي التوجهات الحکومية کواحدة من أبرزها.
وقد أشارت إجابات المبحوثين إلى  أنه  ثمة فروق ليست کبيرة في  المتوسط الحسابي العام   لأثـر تغير موقف  کل من الصحف القومية والخاصة من  الأحداث والأطراف الفاعلة في هذه الأحداث  في الفترة التالية لثورة 25 يناير وإلى  بداية 2017   على متابعتهم لها؛ حيث بلغ  في القومية( 1.49) بينما بلغ في الخاصة (1.58)،   وهي نتيجة طبيعية؛ لکون واحدة من أهم العلل التي تدفع المتلقي للتعرض لوسيلة ما هو مدى مصداقية ما تطرحه هذه الوسيلة من مواد إعلامية، فدون هذه المصداقية کيف يمکن له أن يتقبل ما تقدمه له من معلومات أو ما تطرحه من أراء وأفکار؟ وتتشابه هذه النتيجة مع النتيجة التي انتهت إليها  دراسة( وسام نصر: 2010 )  أنه کان لتغير تناول هذه وسائل الإعلام لأزمة أنفلونزا الخنازير أثر  سلبي  على درجة مصداقية هذه الوسائل لدى المبحوثين.
    وقد بلغ  المتوسط الحسابي العام للأسباب التي يرجح المبحوثون أنها أسهمت في تغير موقف الصحف اليومية القومية والخاصة من الأحداث والأطراف الفاعلة في هذه الأحداث  في الفترة التالية لثورة 25 يناير مرورا بثورة 30 يونيو، وإلى  بداية 2017 ، على النحو الذي أثر على درجة مصداقية کل منها نفس النسبة وهي(2.28 ) لکل منهما   رغم  تباين هذه الأسباب، وهو ما يشير إلى ارتفاع درجة إدراک المبحوثين لهذه الأسباب على نحو  جعل تغير المصداقية لکل منها - في جانب کبير منه - أمرا  لا يخضع للتقاليد المهنية  بقدر ما يخضع  للمعطيات  المجتمعية التي لا يمکن  لهذه الصحف تجاوزها

الكلمات الرئيسية