توظيف مبادئ إدارة العلاقات الحوارية على المنصات الإلکترونية للجامعات المصرية :

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم العلاقات العامة والإعلان کلية الإعلام - جامعة القاهرة

المستخلص

 
انطلاقاً من خصوصية العلاقات القائمة بين المؤسسات الأکاديمية وبين مجموعات المصالح المتعددة التي تتفاعل معها ، ومن واقع إدراک أهمية إدارة هذه العلاقات على أسس حوارية تفاعلية في ضوء تنامي وعي الجمهور ودوره في تحديد قدرة الجامعات على النجاح أو الإخفاق في بناء ورعاية هذه العلاقات ، يمکن صياغة قضية الدراسة على النحو التالي:
 
"استکشاف ورصد وتحليل المحتوى المُقدم (شکلاً ومضموناً) على المنصات الإلکترونية للجامعات المصرية (الموقع الرسمي ، صفحات التواصل الاجتماعي) ، بهدف التعرف على التوجه الذي تتبناه هذه الجامعات في إدارة علاقاتها مع مجموعات المصالح ، وتحديد قدرتها على توظيف مبادئ إدارة العلاقات الحوارية والتعرف على الأساليب والاستراتيجيات المستخدمة في تحقيق هذا الهدف ، وذلک بالتطبيق على جامعة القاهرة (نموذج للجامعات الحکومية) ، جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا (نموذج للجامعات الخاصة) ، جامعة النيل (نموذج للجامعات الأهلية) ، بحيث يمکن تقييم قدرة هذه المنصات على توفير البيئة الافتراضية الملائمة لتفعيل التوجه الحواري في إدارة علاقات المنظمة مع مجموعات المصالح."
 يمکن تلخيص أهم مؤشرات الدراسة فيما يلي:
(1) کان المبدأ الحواري الأول الخاص بتقديم المعلومات المفيدة هو أکثر المبادئ الحوارية التي تم توظيفها على المنصات الإلکترونية للجامعات الثلاثة ، حيث کانت الملامح الحوارية المعبرة عن توظيف هذا المبدأ هي الأکثر انتشاراً على منصات الجامعات ، مع ملاحظة تفوق المواقع الإلکترونية على حسابات التواصل الاجتماعي في توظيفه. وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه بعض الدراسات السابقة ومنها دراسة McAllister-Spooner (2011)(121)، ودراسة Slover-Linett & Stoner (2011)(122) من القول بأن المؤسسات الأکاديمية تعتبر الوظيفة الرئيسية لموقعها الإلکتروني هي تقديم معلومات عنها لمجموعات المصالح المستهدفة. وکانت أکثر المعلومات شيوعاً على مواقع الجامعات الثلاثة هي المعلومات التعريفية عن الجامعة وقياداتها والأنشطة الطلابية والفعاليات الجامعية وفرص تدريب وتوظيف الطلاب. بينما تميزت حسابات التواصل الاجتماعي لجامعتي النيل ومصر للعلوم والتکنولوجيا بتقديم معلومات تفصيلية عن إجراءات الالتحاق بالجامعة والتسجيل بها ، ولم يقدم موقع جامعة القاهرة هذه المعلومات ، ويمکن إرجاع ذلک إلى أن إجراءات الالتحاق بالجامعات الحکومية تحکمها قواعد عامة ترتبط بالحد الأدنى للقبول الذي يتم اعتماده من المجلس الأعلى للجامعات في کل عام دراسي ، في حين ترتبط إجراءات القبول بالجامعات الخاصة والأهلية بما تحدده الجامعة نفسها من شروط ومعايير لقبول الطلاب.
(2) تفوقت المواقع الإلکترونية لکل من جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا وجامعة النيل على الموقع الإلکتروني لجامعة القاهرة من حيث توظيف المبدأ الحواري الثاني الخاص بسهولة التصفح ، وبخاصة من حيث ملامح التصميم الجذاب للموقع والتنظيم المنطقي للمحتويات والعناصر ، فقد تميز موقع جامعة القاهرة بغزارة المعلومات التي يقدمها ولکنها غير منظمة بشکل واضح تحت القوائم الرئيسية مما يؤدي إلى صعوبة تصفح الزوار للموقع. وفيما يخص حسابات التواصل الاجتماعي تقدمت جامعة النيل في توظيف هذا المبدأ ، حيث توافرت على حسابها الرسمي کل الملامح الدالة على توظيف مبدأ سهولة الاستخدام ، وبخاصة ما يرتبط بتوجيه المنشورات إلى کل مجموعة مصالح على حدة وتقديم الموضوعات بأکثر من لغة.
(3) وفيما يخص المبدأ الحواري الثالث المرتبط بتشجيع معاودة الزيارة أو الاستخدام ، فقد تشابهت جامعتا القاهرة ومصر للعلوم والتکنولوجيا في معدل توظيفه على منصاتها الإلکترونية ، وإن تقدم موقع جامعة القاهرة في وضع عدد من الروابط التي قد يفضلها زوار الموقع ، بينما تميز موقع جامعة مصر في إمکانية تحميل التطبيقات الإلکترونية الذکية منه مباشرة. في حين تميز حساب التواصل الاجتماعي لجامعة القاهرة بتنوع القضايا التي يطرحها وتقدم حساب جامعة مصر من حيث توفير صور الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية بالجامعة. أما جامعة النيل فقد ارتفع بوضوح معدل توظيف هذا المبدأ على منصاتها الإلکترونية ، وبخاصة فيما يتعلق بتوفير ملفات قابلة للمشارکة وجولة افتراضية داخل الجامعة على موقعها الإلکتروني ، وأيضاً إمکانية قيام المستخدمين بطلب معلومات بصفة شخصية والحصول عليها عبر حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي.
(4) تفوقت جامعة النيل في توظيف المبدأ الحواري الرابع الخاص بالاحتفاظ بالزوار أو المستخدمين على منصاتها الإلکترونية ، وبخاصة من حيث توفير ملفات تعريفية مصورة عن الجامعة ، وإمکانية مشارکة المضمون المُقدم على موقعها الإلکتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وهي ملامح لا يوفرها موقعا جامعتي القاهرة ومصر للعلوم والتکنولوجيا. کما تم أيضاً توظيف کل المؤشرات الحوارية لهذا المبدأ على حسابها الرسمي أيضاً ، وبخاصة من حيث التحديث المستمر لمشارکات الجامعة وتقديم معلومات ووثائق قابلة للتحميل. بينما تقاربت معدلات توظيف هذا المبدأ لدى جامعتي القاهرة ومصر ، وإن کان حساب جامعة القاهرة أکثر تميزاً من حيث تحديث منشورات الجامعة بصفة منتظمة.
(5) وفيما يتعلق بالمبدأ الحواري الخامس المرتبط بتيسير الحوار التفاعلي فهو أقل المبادئ الحوارية توظيفاً على المنصات الإلکترونية للجامعات الثلاثة بوجه عام. وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه الدراسات المعنية بتوظيف هذه المبادئ على المنصات الإلکترونية للمنظمات ومنها دراسة Smitko (2012)(123) وأيضاًدراسةLee, et. al. (2013)(124). وقد تقدم موقعا جامعتي القاهرة والنيل على موقع جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا في توظيف هذا المبدأ ، وبخاصة من حيث إمکانية التصويت وطرح أسئلة للنقاش على موقع جامعة القاهرة ، وأيضاً وجود فرصة لتقديم الاستفسارات من الزوار والرد عليها عبر موقع جامعة النيل. وبالنسبة لحسابات التواصل الاجتماعي فقد تفوق حساب جامعة النيل بوضوح في توظيف ملامح هذا المبدأ وبخاصة من حيث طلب تعليقات من مستخدمي الحساب وارتفاع معدل الاستجابة السريعة والمنتظمة لأسئلة المستخدمين بما يدعم فرص الحوار التفاعلي بين الجامعة وجماهيرها.
(6) تقدم معدل توظيف المبادئ الحوارية المرتبطة بفئة التصميم وسهولة الاستخدام على المنصات الإلکترونية للجامعات الثلاثة ،  وهي المبدأ الأول الخاص بتقديم المعلومات المفيدة ، والمبدأ الثاني الخاص بسهولة الاستخدام والتصفح ، وذلک عند مقارنته بمعدل توظيف المبادئ الحوارية المرتبطة ببناء وإدارة العلاقات التفاعلية ، وهي المبدأ الثالث الخاص بتشجيع معاودة الزيارة أو الاستخدام ، المبدأ الرابع الخاص بالاحتفاظ بالزوار والمستخدمين ، وأخيراً المبدأ الخامس الخاص بتفعيل ساحات الحوار عبر المنصات الإلکترونية للجامعات محل الدراسة. وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه نتائج عدد کبير من الدراسات مثل دراسة Linvill, McGee & Hicks (2012)(125) ، ودراسة Gordon & Berhow (2009)(126) والتي اتضح من نتائجها أيضاً تفوق المبادئ الخاصة بالتصميم وسهولة الاستخدام وتراجع مستوى توظيف المبادئ الخاصة بدعم فرص إدارة العلاقات الحوارية التفاعلية مع مستخدمي هذه المنصات.
(7) تتبنى الجامعات المصرية محل الدراسة توجهاً أحادياً وليس حوارياً في بناء المحتوى المقدم إلى مجموعات المصالح عبر مواقعها الإلکترونية ، فقد قدمت مواقع الجامعات الثلاثة معلومات يغلب عليها الطابع التعريفي المجرد الذي يهدف إلى بناء صورة الجامعة ودعم سمعتها بصفة أساسية ، ولکنها لم تعط الاهتمام الکافي لتوظيف الملامح الحوارية التي تنظر إلى أعضاء مجموعات المصالح باعتبارهم شرکاء في علاقة تفاعلية مع الجامعة يمکن من خلال رصد وتحليل آرائهم ومقترحاتهم تعزيز الدور الحواري الذي تلعبه الجامعة عبر منصاتها الإلکترونية في بيئة افتراضية نشطة.
(8) ساعد استخدام الجامعات محل الدراسة لوسائل التواصل الاجتماعي على دعم التوجه الحواري الذي تتبناه في بناء علاقاتها مع مجموعات المصالح المستهدفة عبر حساباتها الرسمية إلى حد ما ، وبخاصة من حيث توظيف الخصائص المميزة لهذه الوسائل في تنظيم عرض المعلومات وسهولة الوصول إليها ، قصر زمن تحميل الصفحات ، ووضع روابط لهذه الحسابات على المواقع الإلکترونية للجامعات ، وإمکانية مشارکة المحتوى المنشور على هذه الحسابات عبر الوسائل الإلکترونية الأخرى. بينما لم تتمکن الجامعات محل الدراسة من الاستفادة الکاملة من المزايا التفاعلية التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي في إدارة العلاقات الحوارية مع المستخدمين ، وبخاصة من حيث توظيف مبدأ تنمية الحوار التفاعلي ، حيث لم تقدم أي من حسابات التواصل الاجتماعي للجامعات الخاضعة للتحليل معلومات عن الجهة المسؤولة عن إدارة علاقات مجموعات المصالح بالجامعة ، ولم تطرح أسئلة نقاشية أو قضايا للحوار عبر هذه الحسابات ، وهي الملامح التي يمکنها أن تدعم بالفعل قدرة الجامعة على إدارة علاقات حوارية تفاعلية مع مجموعات المصالح الرئيسية وبخاصة الطلاب وأولياء الأمور وأعضاء الهيئة التدريسية والخريجين والمجتمع المحلي.
(9) تجدر الإشارة إلى وضوح تأثير نمط ملکية الجامعة على اتجاهها نحو توظيف مبادئ إدارة العلاقات الحوارية مع جماهيرها عبر منصاتها الإلکترونية ، فقد تقدمت جامعة النيل بوصفها جامعة أهلية غير هادفة للربح على باقي الجامعات محل الدراسة ، ذلک أن هذا النوع من الجامعات يعتمد في نجاحه ودعم سمعته التعليمية والبحثية وتنمية مصادر تمويله على بناء وإدارة شبکة من العلاقات الناجحة طويلة المدى مع مجموعات المصالح المستهدفة للجامعة على تنوعها وتعددها. کما أنه يمکن من تحليل المحتوى المقدم عبر المنصات الإلکترونية لهذه الجامعة رصد أهم ملامح  ثقافتها التنظيمية القائمة على دعم العلاقة مع مؤسسات المجتمع المحلي والدولي ، وتعزيز الصلات المباشرة مع الطلاب والخريجين وأولياء الأمور ، والاستفادة من الإمکانات التکنولوجية الحديثة في تحسين مستوى الخدمات الأکاديمية التي تقدمها الجامعة. وقد انعکست خصائص هذه الثقافة بوضوح على التوجه الذي تتبناه الجامعة في إدارة العلاقة مع جماهيرها. أما بالنسبة للمنصات الإلکترونية لجامعة القاهرة فقد تأثرت بوضوح بالثقافة التنظيمية السائدة في المؤسسات الأکاديمية الحکومية التي لا تتحکم بشکل کبير في اختيار طلابها ، کما أن معدل الإقبال على الالتحاق بها کبير وبالتالي لا تحتاج إلى بذل جهد کبير في استقطاب الطلاب أو الأساتذة ، کما أنها ترتکز في بناء علاقاتها بالجمهور على عراقتها وإنجازاتها على مر تاريخها. وقد ظهر تأثير ذلک واضحاً على الطريقة التي اعتمدتها جامعة القاهرة في بناء المحتوى المُقدم عبر منصاتها الإلکترونية. وفيما يتعلق بجامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا فقد اتضح أيضاً تأثير نمط الملکية الخاصة على ثقافتها التنظيمية وتوجهها في إدارة علاقات الجمهور ، وبخاصة الطلاب الذين يمثلون مجموعة المصالح الرئيسية المستهدفة للجامعة ، فکان الترکيز على إبراز التسهيلات والمزايا المقدمة من الجامعة لطلابها والإشارة في أکثر من موقع لاعتماد البرامج الأکاديمية للجامعة من قبل المجلس الأعلى للجامعات والرد المباشر على الاستفسارات المتعلقة بإجراءات التسجيل بالجامعة ، مقارنة بعدم الاهتمام بالرد على کثير من الأسئلة الأخرى.
(10) تحتاج الجامعات المصرية محل الدراسة إلى دعم مستوى نشاط وفاعلية منصاتها الإلکترونية بوجه عام ، بهدف تحسين السياق الذي تتم في إطاره عمليات إدارة العلاقات الحوارية مع مجموعات المصالح. وإذا کانت الجامعات محل الدراسة لديها مواقع إلکترونية وحسابات مفعلة على موقعي Facebook & Twitter  فمن الملاحظ عدم الاهتمام بتحديث مشارکاتها على حساب Twitter ، وکذلک عدم الاستفادة من الخصائص المميزة لمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل Instagram الذي يتيح فرص نشر الصور والملفات المسموعة المرئية بکثافة ، ويحظى بمعدلات استخدام جيدة لدى الفئات العمرية الشابة على وجه الخصوص ، وهي الفئات التي تمثل الطلاب الحاليين والمحتملين للجامعات.

الكلمات الرئيسية