استخدامات تطوير الذات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها بتشکيل رأس المال النفسي:

يقدم هذا البحث إطارا جديدا لدراسة مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ تطرق إلي بحث استخدامات هذه المواقع ليست کوسيلة للتواصل الاجتماعي، وإنما کأداة لتطوير الذات، کما تطرق إلي بحث فئة نوعية من مستخدمي هذه المواقع، وهم ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية؛ وذلک بهدف رصد تلک الاستخدامات لديهم عبر ثقافات وبيئات مختلفة جسدها التطبيق علي العاملين بالعلاقات العامة في کل من مصر والسعودية، وتطرق البحث أيضاً إلي رصد تأثير الاستخدام الهادف إلي تطوير الذات علي تشکيل رأس المال النفسي لدي ممارسي العلاقات العامة في محاولة لرصد أحد أهم سبل تحسين مستوي أداء هؤلاء الممارسين، وتعزيز کفاءة الإدارات التي يعملون بها؛ وذلک في سياق عام تُأطره المداخل النظرية للاتصال التنظيمي والأداء المؤسسي.  
واستند البحث إلي نموذج التطوير الفعال للذات (Self-Development Competence Model) وإلي الصيغة المستحدثة لهذا النموذج، والتي اتخذت مسمي نموذج التعلم الشبکي من أجل تطوير الذات (A Model of Networked Learning for Self-Efficacy & Development) وإلي نظرية رأس المال النفسي (Psychological Capital) وتم إجرائه من خلال استبيان رأي عينة من ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية المصرية والسعودية.
وأفصحت النتائج التي تم التوصل إليها عن اتفاق غالبية ممارسي العلاقات العامة في المؤسسات الحکومية المصرية والسعودية في الاعتماد علي مواقع التواصل الاجتماعي أحيانا في إنجاز بعض الأعمال والمهام الموکلة إليهم، وفي الثقة إلي حد ما في مضمون هذه المواقع، کما بينت نتائج البحث ارتفاع کثافة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق أهداف تطوير الذات المهنية والاجتماعية لدي النسبة الأکبر من أفراد العينة بالمؤسسات الحکومية المصرية، وعلي العکس؛ إذ تبين توسط أو انخفاض کثافة استخدام هذه المواقع في تحقيق تلک الأهداف لدي غالبية أفراد العينة بالمؤسسات الحکومية السعودية.
ومن واقع التحليل الإحصائي لإجمالي استجابات ممارسي العلاقات العامة في المؤسسات الحکومية المصرية والسعودية أمام کل عبارات مقاييس البحث تبين توسط مستوي فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق أهداف تطوير الذات لدي غالبية أفراد العينة في المؤسسات الحکومية المصرية والسعودية، کما تبين وجود فروق دالة إحصائياً بين ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية المصرية والسعودية في مستوي تحقق کل بُعد من أبعاد رأس المال النفسي لديهم، وتبين أيضاً وجود فروق دالة إحصائياً بينهم في مصادر إنتاج وتشکيل هذه الأبعاد.
لقد اهتم هذا البحث من واقع اختبارات فروضه بدراسة التأثيرات المختلفة لخصائص وسمات ممارسي العلاقات العامة في المؤسسات الحکومية المصرية والسعودية علي کثافة استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق أهداف تطوير الذات، ومستوي رأس المال النفسي لديهم، وأشارت نتائج البحث في هذا الإطار إلي تباين تلک التأثيرات واختلافها باختلاف طبيعة مجتمع البحث، وخصائص وسمات أفراد العينة.     
واهتم البحث أيضاً بدراسة العلاقة بين کثافة استخدام ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية المصرية والسعودية لمواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق أهداف تطوير الذات، ومستوي رأس المال النفسي لديهم، ودرجة تأثر هذه العلاقة بمتغير مدي فاعلية تلک المواقع کأداة للتعلم الإلکتروني في تطوير الذات لديهم. وخلصت نتائج اختبارات فروض البحث إلي تباين ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية المصرية والسعودية في معنوية وشدة الارتباط بين کثافة استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق بعض أهداف تطوير الذات (المهنية والمهارية والاجتماعية والمعرفية) ومستوي کل بُعد من أبعاد رأس المال النفسي لديهم، وخلـُصت أيضاً إلي وضوح تأثير متغير فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي کأداة للتعلم الإلکتروني في تطوير الذات بين العلاقات الارتباطية المُشار إليها بصرف النظر عن معنويتها وشدتها.
وبمقارنة نتائج هذا البحث بنتائج بعض الدراسات السابقة يتبين ما يلي:
1)      حددت نتائج دراسة سابقة واحدة أبعاد تطوير الذات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في: الکفاءة الذاتية والثقة بالنفس والاتصال الفعال والمساهمة المجتمعية النشطة (Lee & Horsley, 2017) وأشارت نتائج هذا البحث إلي ثلاثة أهداف رئيسية لتطوير الذات تتسق وتلک الأبعاد، وهي أهداف تطوير الذات المهنية والمهارية والاجتماعية، وأضافت هدف أخر يشير إلي بُعد جديد لتطوير الذات، وهو هدف تطوير الذات المعرفية.
2)      اتفقت دراسات سابقة عديدة في وضوح دور مواقع التواصل الاجتماعي في تطوير الذات المهنية داخل بيئات وثقافات مختلفة مثل: نيجيريا (Anasi, 2018) وباکستان (Khan & Du, 2017) وأمريکا(Yang & Brown, 2016) (Anders, 2018) والصين (Song et al., 2017) (Bromberg, 2016) ورصدت نتائج هذا البحث عدة استخدامات لتطوير الذات المهنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي داخل بيئتين بحثيتين عربيتين، هما: البيئة المصرية والبيئة السعودية، ومن هذه الاستخدامات: نشر الإنجازات عبر الحسابي الشخصي، واکتشاف الإيجابيات والسلبيات، واقتباس الأفکار الجديدة، والبحث عن دورات تدريبية، ومتابعة ما ينشره زملاء.
3)      بينت نتائج دراسة سابقة واحدة تنوع وسائل التواصل الاجتماعي من حيث درجة تأثير کل منها في حجم رأس المال النفسي لدي مستخدميها  (Simsek & Sali, 2014)وبينت أيضاً نتائج هذا البحث تباين تأثيرات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أهداف تطوير الذات علي تشکيل رأس المال النفسي لدي ممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحکومية المصرية والسعودية.