آليَّات الالتفاف في صياغة عناوين الصَّحافة الإلکترونيَّة المصريَّة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الإعلام بکليَّة الآداب - جامعة حلوان

المستخلص

بظهور الصَّحافة الإلکترونيَّة في نهايات القرن الماضي وانتشارها على الإنترنت بشکل متزايد يومًا بعد الآخر، وإقدام الصُّحُف ذات الأصل الورقيّ على التَّواجد وحجز مکانٍ لها على الشَّبکة، بالإضافة إلى قيام العديد من مواقع المحطَّات الإذاعيَّة والتّليفزيونيَّة بتدشين مواقع تنافس بها في مجال تقديم الأخبار، باتت المنافسة على الشَّبکة أکثر ضراوة، فهناک تنافسٌ شديدٌ بين المواقع للفوز بأکبر عددٍ من الزّوَّار، وهو ما يُسمَّى في بيئة الإنترنت بمعدَّل الدُّخول للموقع (التّرافيک traffic)، الذي بدوره يرفع من تقييم الموقع وفقًا لمواقع التَّصنيف المختلفة، ويعطي دلالة على مدى انتشاره، وبالتَّالي تکون فرصة الموقع أعلى في جذب المزيد من الإعلانات.
وقد کان لظهورِ مواقع التَّواصل الاجتماعيّ وانتشارها بشکلٍ کبيرٍ وواسعٍ بين قطاعات المستخدمين أثرٌ کبيرٌ في تطوُّر علاقة الجمهور بالصَّحافة الإلکترونيَّة، وتُعَدُّ أبرز معالم هذا التَّطوّر في تلک المواقع أنَّها أصبحت تمثِّل للعديد من المستخدِمين نقطة البداية في الدُّخول لمطالعة أخبار الصُّحف الإلکترونيَّة من خلال حساب المستخدِم على هذه المواقع، فبدلاً من الدُّخول بدايةً للمواقع الإخباريَّة لقراءة الأخبار والموضوعات، يقوم المستخدِم بالاطّلاع على ما رشَّحه الآخرون وقاموا بمشارکته (Share)، وبالتَّالي يعمد للدّخول لمواقع الصُّحف للتَّعرُّف على التَّفاصيل، وهو الأمر الذي استغلَّته الصُّحف الإلکترونيَّة نفسها؛ فسعتْ إلى إنشاء حسابات لها على هذه المواقع الاجتماعيَّة تتيح من خلالها أخبارها، وتقدِّم روابطَ لموضوعاتها بشکلٍ آنيٍّ ومستمرٍّ لحثِّ المستخدِمين على اتِّباع هذه الرَّوابط وزيارة مواقعها.
ومن أهمِّ التَّطوُّرات الأخرى التي أحدثها ظهور وانتشار مواقع التَّواصل الاجتماعيّ في علاقة الجمهور بالصَّحافة الإلکترونيَّة تَحَوُّل عديدٍ من المستخدمين من التَّعليق على الأخبار والموضوعات على مواقع الصُّحُف الإلکترونيَّة، واستبدالها بالتَّعليق أسفل الموضوعات على حسابات هذه الصُّحف على مواقع التَّواصل الاجتماعيّ hلتي يصل تعداد التَّعليقات عليها إلى الآلاف في حين تنحصر في عددٍ قليلٍ من التَّعليقات على الأخبار نفسها في مواقع الصُّحُف ذاتها.
وکان لهذه التَّطوّرات في علاقة جمهور مواقع التَّواصل الاجتماعيّ بالصَّحافة الإلکترونيَّة دورٌ في إقدام صانعي الأخبار على ابتکار آليَّات وأساليب جديدة لجذب أکبر عددٍ من الزّوَّار، وأيضًا لزيادة عدد مشترکي صفحاتها على مواقع التَّواصل الاجتماعيّ من خلال إغراء المستخدِمين بعناوين تدفعهم لمطالعة تفاصيل هذه الموضوعات والتَّعليق عليها، ومن ثمَّ باتت صياغات عناوين الأخبار والموضوعات على حسابات الصُّحف في مواقع التَّواصل الاجتماعيّ تبتعد إلى حدٍّ کبيرٍ عن الصِّياغات الخبريَّة المتعارَف عليها في بيئة العملِ الصَّحفيّ؛ فباتتْ أکثر غموضًا والتفافًا -وفقًا لما أوضحته الدِّراسة الاستطلاعيَّة للباحث- ترکِّز في اتِّجاه تحفيز المستخدِم إلى النَّقر لقراءة المزيد.


,تتمثَّل مشکلة الدِّراسة في رصد آليَّات الالتفاف المختلفة التي تستخدمها الصُّحف الإلکترونيَّة المصريَّة في صياغة عناوينها على الفيس بوک، وبيان مدى اختلاف صياغة هذه العناوين عن عناوين الموضوعات نفسها على موقع الصَّحيفة، ومحاولة التَّعرُّف على أنواع هذه الآليَّات المختلفة وتأثير استخدامها على صحَّة ودقَّة وصدق العناوين في مدى تعبيرها عن مضمونها، ومن ثمَّ لا تسعى هذه الدِّراسة إلى الکشفِ عن مدى صحَّة الأخبارِ ودقَّتها من عدمه، فلا يدخل ذلک في نطاق الدِّراسة، أو مدى استخدام الأسلوبيَّة مثل المجاز والتَّورية وغيرها في العناوين، ولکنَّها تبحث في آليَّات الالتفاف الجديدة التي نشأتْ في بيئة الصَّحافة الإلکترونيَّة ووسائل التَّواصل الاجتماعيّ، ورصد مدى اتّفاق العنوان ودقَّته في تعبيره عن متن الموضوع دونما البحث في مدى دقَّة أو صحَّة الموضوع ذاته.

الكلمات الرئيسية