الخطاب الصحفي لمحاکمة الرئيس الأسبق مبارک في الصحف المصرية دراسة تحليلية لصحيفتي الأهرام والمصري اليوم في الفترة من 10/4/2011 حتى 31/12/2014

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الإعلام بکلية الآداب - بجامعة حلوان

المستخلص

بعد تنحي مبارک عن السلطة في 11 فبراير 2011 وتکليف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، ظهرت مطالبات عديدة من قوى ثورية بضرورة تقديم مبارک للمحاکمة، بجانب تقديم جهات مختلفة بلاغات إلى النيابة العامة تتهم الرئيس الأسبق مبارک بالتحريض على قتل المتظاهرين في ثورة يناير والفساد المالي.
وأمام تزايد الضغوط الشعبية المطالبة بمحاکمة مبارک وظهور تقارير إعلامية بتضخم ثروته، أمر النائب العام في 28 فبراير 2011 بالتحفظ على أموال مبارک وأفراد أسرته داخل مصر، ومنعهم من السفر للخارج، بعدها ظهر مبارک على الرأي العام المصري في تسجيل صوتي أذاعته قناة العربية ينفي امتلاکه وأسرته أية حسابات بنکية في الخارج.
غير أن هذا النفي لم يقنع جهات التحقيق التي أمرت في 10 إبريل 2011 باستدعاء مبارک للتحقيق معه حول جرائم قتل المتظاهرين السلميين في ثورة يناير، والتحقيق مع نجليه بتهم التعدي على المال العام واستغلال النفوذ، وبعد ذلک بيوم واحد أصدر النائب العام المصري عبد المجيد محمود أمراً بالقبض على مبارک ونجليه، لتبدأ بعد ذلک فعلياً محاکمة مبارک أمام القضاء. حيث وجهت النيابة له ثلاث تهم هي  قتل المتظاهرين السلميين في ثورة يناير، وتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل بأقل من سعره العالمي، وقبول هدايا من رجل الأعمال حسين سالم تتمثل في ثلاث فيلات في شرم الشيخ مقابل تسهيل أعماله في مصر، ثم أضيفت لهم تهمة رابعة هي الاستيلاء على أموال القصور الرئاسية.
وهکذا أصبح مبارک أول رئيس عربي سابق تتم محاکمته بعد تنحيه عن السلطة أمام جهات تحقيق مدنية وليست استثنائية أو ثورية، وبدون  إملاءات أو ضغوط  خارجية، على عکس نظيره صدام حسين الذي خضع لتحقيقات استثنائية وبإملاءات من الإدارة الأمريکية، وقد استمرت محاکمة مبارک لأکثر من ثلاث سنوات ونصف، ومرت بمراحل عديدة ومعقدة وبتفاصيل کثيرة، ويمکن القول إن مبارک تمت محاکمته أمام القضاء مرتين، المرة الأولى کانت أمام محکمة استئناف القاهرة التي بدأت أولى جلساتها في 3 أغسطس 2011 بأکاديمية الشرطة، وانتهت بصدور حکم المؤبد على مبارک في 2 يونيو 2012، بعدما خضع فيها لحوالي 45 جلسة قضائية، قام مبارک بعدها وبقية المتهمين الآخرين بالطعن على الحکم أمام محکمة النقض.
أما المحاکمة الثانية فبدأت في 13 يناير 2013حيث قضت محکمة النقض بقبول الطعن المقدم من مبارک على الأحکام الصادرة ضده بالسجن المؤبد، لتبدأ جلسات محاکمته من جديد في 11 مايو 2013، وقد استمرت وقائع هذه المحاکمة لمدة 55 جلسة قضائية، انتهت بحصول مبارک على البراءة في 29 نوفمبر 2014، وإن کانت هناک قضية واحدة فقط أدين فيها مبارک وحکم عليه فيها بالسجن المشدد  ثلاث سنوات، وهى قضية الاستيلاء على أموال القصور الرئاسية. 
وقد حظيت المحاکمة في مختلف مراحلها بتغطية مکثفة من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، حيث أفردت لها الصحافة صفحات کاملة عبر تغطيتها التحريرية، کما خصصت القنوات التلفزيونية المحلية والعربية والعالمية ساعات لبث المحاکمة وأطلقت عليها اسم محاکمة القرن تعبيراً عن الأهمية التاريخية التي حظيت بها، باعتبارها حدثاً فريداً على المنطقة العربية بأسرها، وتقديراً لتبعات نتائجها على مصر في تلک الفترة.
وإذا کان التناول الإعلامي للقضايا المنظورة أمام المحاکم يثير جدلاً بين مؤيد لحرية الإعلام ورافض للتدخل الإعلامي في المسار القانوني للقضايا، خاصة تلک التي تثير اهتمام الرأي العام  فإن محاکمة مبارک کانت مثالاً قويا لهذا الجدل في وسائل الإعلام، بدءًا من اختلاف الکتاب حول أحقية محاکمته من عدمه، ومروراً بتفاصيل کثيرة منها : وضعه الصحي، وجدوى مثوله أمام القضاء الجنائي أم تشکيل محاکمات ثورية له، والاکتفاء بمحاکمته على التهم الموجهة له فقط أم محاکمته على کل الجرائم التي ارتکبت في عصره على اعتبار مسئوليته السياسية عنها، وحقيقة طمس الأدلة الخاصة بإدانته، واستدعاء شخصيات مهمة للشهادة في محاکمته کالمشير طنطاوي وعمر سليمان وسامي عنان، والهجوم على ثورة يناير أثناء الدفاع عنه واعتبارها مؤامرة لإسقاط الدولة، وأخيراً الاختلاف حول الأحکام الصادرة عليه بين مؤيد ومعارض لها، وغيرها من الأمور الجدلية والخلافية التي احتلت حيزاً کبيراً من تغطية وسائل الإعلام حول محاکمة مبارک.
وانطلاقاً من هذا تسعى الدراسة إلى الکشف عن موقف خطاب الصحف المصرية تجاه محاکمة الرئيس الأسبق مبارک، عبر تحليل الأطروحات والأفکار الرئيسية التي قدمها کتاب الصحف حول هذه المحاکمة، وموقفهم من الجدل الذي أثير حول  بعض وقائعها، والأطر المرجعية التي استندوا عليها في إنتاج هذا الخطاب حول المحاکمة.  
 

الكلمات الرئيسية