لا يمکن لأحد أن ينکر أننا نعيش اليوم في عصر الصورة وهو ما دفع الصحف لإيلاء مزيد من الاهتمام للصور الصحفية فقلما نجد موضوعًا صحفيًا دون صورةٍ واحدة على الأقل مصاحبةٍ له، فالصور تجذب الانتباه وتثير الاهتمام، وقد تزايد اعتماد الصحف عليها مؤخرًا لکي تتمکن من مواجهة المنافسة المحمومة مع غيرها من وسائل الاتصال، وللصورة الصحفية أهمية کبيرة فيکفي أن صورة واحدة معبرة بإمکانها أن تعادل ألف کلمة، إضافة إلى أن الرؤية تعني الصدق فکم من صور غيرت اتجاه الرأي العام نحو موضوعات ما کان ليتغير اتجاهه نحوها لولا تلک الصور، هذه الصور من أنتجها هو المصور الصحفي الذي استطاع أن يعبر بعدسته وبما يملکه من فکر ورؤية عما يحتاج لعشرات الکلمات للتعبير عنه، من هنا کانت أهمية المصور الصحفي ناقل الأحداث وموثقها.إلا أن المصور الصحفي غالبًا ما يوجه المتلقي لرؤية الحدث من نفس منظوره واعتقاده، فلکل مصور رؤيته الخاصة التي تدفعه لتصوير الحدث وتقديمه للمتلقي من وجهة نظر معينة، فعلى سبيل المثال أظهرت الصور الفوتوغرافية أثناء الحرب العالمية الثانية المعتقلين اليابانيين الأمريکيين وهم يعيشون في منازل جيدة ويشارکون في الأنشطة الحياتية، بينما في الحقيقة کان الوضع عکس ذلک، کذلک صور ضحايا إعصار کاترينا التي التقطها مصورون أمريکيون لهم أصول إفريقية فقد تم استخدامها بصورة عرقية في التأثير على المتلقي ودفعه لتبني وجهة نظر سلبية تجاه هؤلاء الضحايا وذلک بهدف تبطيىء استجابة الحکومة لتقديم المساعدات لهم، کذلک يرى Zeilzer and Stuart (2010) أن الصور التي نقلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد تلاعبت بالرأي العام وحثته على تشجيع الحکومة على اتخاذ إجراءات عسکرية ضد دول أخرى، فلم تنقل الصور التي عرضتها وسائل الإعلام الحدث بشکل إخباري بل بشکل يثير الفوضى والاضطراب، هذه الأمثلة تبين سلطة المصور کحارس للبوابة الإعلامية والوظيفة القيادية التي يقوم بها من خلال تحکمه في أساليب التقاط الصور وإعدادها، وبالتالي يمکن معرفة النوايا الخفية للمصور وتفسيره للأحداث من خلال تأثير صوره على الرأي العام، فالمصور ينقل للمتلقى العالم کما يراه هو وبمنظوره الشخصي
تبين من خلال مسح التراث العلمي السابق لدراسات القائم بالاتصال في الصحافة ندرة الدراسات العربية التي طبقت على المصورين الصحفيين کقائمين بالاتصال؛ فلم تتطرق سوى دراستين فقط لهم؛ هما دراسة (أحمد عادل،2016) والتي رکزت على تناول علاقة تکنولوجيا التصوير الرقمي بتطوير الممارسة المهنية للمصورين الصحفيين، ودراسة (علي عباس فاضل،2012) التي اقتصرت على بحث مشکلات المصورين الصحفيين العراقيين. من هنا تتزايد الحاجة إلى الاهتمام بإجراء دراسات تتناول المصورين الصحفيين في الصحافة المصرية وتقترب من واقعهم المهني فهم يقومون بدور لا يقل بأي حال من الأحوال عن دور المحرر؛ فإذا کان المحرر يعبر عن الحدث بالکلمات فالمصور يشارکه هذا التعبير من خلال ما يقدم من صور والتي بدونها لن يکتمل وصول معنى الحدث للمتلقي واستيعابه له وربما تصديقه له، إضافة إلى ما يبذله من جهد في التقاط الصور المعبرة عن کثير من الأحداث فالمحرر يمکنه من خلال التليفون أخذ تفاصيل أي حدث دون أن يغادر مبنى صحيفته، أما المصور فلابد أن يتواجد في مکان الحدث أيًا کان (حريق هائل، حادثة قطار، منطقة حربية...وغيرها) لالتقاط الصور التي تشبع فضول الجمهور وتساعده في فهم مجريات الأحداث، ولهذا تأتي أهمية هذه الفئة التي لم تتطرق لها کثيرًا الدراسات الإعلامية لاسيما العربية. وفي إطار ما تقدم فإن مشکلة الدراسة تتمثل في دراسة الواقع المهني للمصورين الصحفيين بغية التعرف على سماتهم ومهاراتهم وانعکاس التغيرات والتطورات في مجال التصوير الصحفي على أدائهم، کذلک رصد العوامل المؤثرة على أدائهم المهني وأبرز الضغوط والتحديات التي تواجههم.