العقلانية والثقة في المداولات الافتراضية وعلاقتها بتعزيز دور وسائل التواصل الاجتماعي في المجال العام ورأس المال الاجتماعي :

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بکلية الاتصال والإعلام – الجامعة البريطانية

المستخلص

يبدو انه في اوقات الخطاب العام الصاخب والغاضب والمستقطب، کحالة التحول التي تمر بها العديد من المجتمعات ومنها مصر، يجيء الحديث عن خطاب نقدي يعزز أهمية رأس المال الاجتماعي ورشادة المجال العام مستغربا. الا ان هذه الدراسة تسعى الى فهم ديناميکية العلاقة بين المجال العام ورأس المال الاجتماعي من جهة، والتطور التکنولوجي من جهة أخرى. حيث تهدف للإجابة على سؤال رئيسي وهو: هل تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في رشادة المجال العام ونمو رأس المال الاجتماعي بما يعزز ديمقراطية الفعل التواصلي؟
وتجيئ هذه الدراسة التحليلية الوصفية في محاولة لبلورة ورصد مؤشرات امبيريقية للرشادة والعقلانية والثقة في مداولات المواطنين في مصر حول قضيتي (تجديد الخطاب الديني) و (اصلاح التعليم). ولقد اعتمدت الدراسة على تحليل التعليقات على صفحة "فيسبوک" – وسيلة التواصل الاجتماعي الأکثر استخداما في مصر- لصحيفة " اليوم السابع" وهي الصفحة التي يتابعها ما يزيد عن 23 مليون مستخدم، بالإضافة إلى تحليل تعليقات المستخدمين بأسلوب الحصر الشامل حول خبرين اثنين خلال شهر سبتمبر 2020. حيث بلغ حجم العينة 711 تعليقا موزعة على القضيتين: (تجيد الخطاب الديني،271 تعليق) و (اصلاح التعليم،440 تعليق).
نتائج الدراسة لم تثبت وجود علاقة دالة احصائيا بين زيادة مساحة التداول والنقاش العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعقلانية ورشادة الخطاب في المجال العام الافتراضي. کما لم يتأکد وجود علاقة معنوية بين زيادة وتنوع أشکال التداول والنقاش العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة الثقة الاجتماعية المتبادلة بين المتداولين وتوليد راس المال الاجتماعي المحفز على تطور العملية الديمقراطية، ولکن هناک تأکيد جزئي على صحة فروض الدراسة حول وجود علاقة بين نوع القضية ودرجة حساسيتها ومؤشرات الرشادة والعقلانية والثقة الاجتماعية في المداولات عبر "فيسبوک".
کما أکدت النتائج أيضا علاقة ذات دلالة بين النوع الاجتماعي للمتداولين (ذکر- أنثى – متخفي) ومعدلات المشارکة، والقضية التي يتم التداول بشأنها. حيث يميل الذکور إلى المشارکة بنسب أکبر في القضايا المثيرة للجدل مثل قضية (تجديد الخطاب الديني) مقارنة بالإناث. وعلى العکس من ذلک يزيد تفاعل النساء ومشارکتهن في المناقشات الأقل حدة مثل قضية (اصلاح التعليم) مقارنة بالذکور. کذلک أوضحت النتائج وجود علاقة بين النوع الاجتماعي ومؤشرات الرشادة والثقة الاجتماعية بين المتداولين، وخاصة عند التداول حول القضايا المثيرة للجدل (تجديد الخطاب الديني)، بينما تتراجع الفروق وتکون العلاقة غير ذات دلالة عند مناقشة القضايا الأقل حساسية مثل (اصلاح التعليم).  وفي هذا الإطار، تبرز النتائج ارتفاع نسبة التخفي أو عدم تحديد هوية النوع أو الهوية التعريفية للمستخدمين في التداول حول القضايا العامة.  ونتائج هذا الدراسة تشير في مجملها إلى عدم وجود دور فاعل لوسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز رشادة التداولات في المجال العام وتنمية رأس المال الاجتماعي کمرتکزين أساسيين للتطور الديمقراطي.
وتوصي الدراسة بأهمية استمرار الدراسات "البينية Interdisciplinary "  للعلاقة بين التکنولوجيا والديمقراطية، من خلال تعددية المناهج وأدوات جمع البيانات وتبني منظور مقارن يرکز على رصد الاختلاف والاتفاق في نتائج مثل هذه الدراسات، في ضوء السياقات الزمنية والمستوى التنموي والعوامل السوسيو-ديموجرافية، وتنوع القضايا التي تتم حولها النقاشات في المجال العام. على أن تعتمد مثل هذه الدراسات على تنوع المقتربات النظرية للعلاقة بين التکنولوجيا والمجتمع، وتجسير الفجوة بين النظريات الاجتماعية وانماط تبني واستخدام التکنولوجيا وتأثيراتها المحتملة.

الكلمات الرئيسية