تمثيلات المرأة فى الصحافة الاقتصادية وعلاقتها بالواقع الاجتماعى والاقتصادى للمرأة المصرية

المؤلف

مدرس بقسم الصحافة بکلية الاعلام - جامعة القاهرة

المستخلص

استهدفت الدراسة رصد وتحليل وتفسير حجم تمثيل المرأة فى الصحافة الاقتصادية المصرية وعلاقتها بالواقع الاجتماعى والاقتصادى للمرأة المصرية؛ ويتحقق ذلک من خلال البحث فى تساؤلات رئيسية تتعلق بحجم وجود المرأة کقائم بالاتصال فى الصحافة الاقتصادية، وحجم اعتماد الصحافة الاقتصادية على المرأة کمصدر للمعلومات، ومدى وکيفية التعامل مع المرأة کقوى فاعلة مؤثرة فى الحدث الاقتصادى. وهى دراسة وصفية تفسيرية مستخدمة لمنهج المسح الإعلامى، بالاعتماد على نظرية السياق Context theory والنظرية النسوية Feminist theory. وتم التطبيق باستخدام أداة تحليل المضمون وأداة تحليل القوى الفاعلة داخل الخطاب الصحفى، وتمثل مجتمع الدراسة التحليلية؛ فى: صحف الأهرام والمصرى اليوم والوفد. وذلک من خلال دراسة صفحات الشئون الاقتصادية، وصحيفة المال. وأجريت الدراسة التحليلية على فترة زمنية ممتدة من 23 إبريل 2020 إلى 31 أکتوبر 2020 مستخدمة أسلوب الحصر الشامل.
وتوصلت إلى: اعتمدت هذه الدراسة على نظرية السياق للکشف عن تمثيل المرأة فى الصحف والصفحات الاقتصادية موضع التحليل، فى ثلاث مواطن؛ هم: کقائمات بالاتصال، کمصادر للمعلومات الصحفية، کقوى فاعلة بالموضوعات الاقتصادية، واختبار النتائج فى ضوء فروض النظرية النسوية، وفى إطار مقارن مع نتائج الدراسات السابقة. واتضح أنه على الرغم من عدم الإبادة الرمزية للمرأة فى المواطن الثلاث إلا أن نسب وجودهم تعکس عدم المساواة والتمييز لصالح الرجال سواء على مستوى التمکين الشکلى/الکمى أو الکيفى؛ کالتالى:
1. هيمن الرجال على صناعة القرار التحريرى وهو ما يتضح معه أن المرأة فى مجال الصحافة الاقتصادية تعمل وفقاً للثقافة الذکورية. وأن نسب الموضوعات الاقتصادية التى يحررها الرجال أعلى من النساء. وبالرغم من استمرار هيمنة المرأة على المضامين التقليدية مثل السياحة والاتصالات والتکنولوجيا إلا أنهن استطعن الخوض فى مجالات ذکورية ببعض الصحف مثل الصناعة والاستثمار والمالية والعقارات وإثبات تفوقهن بهم مما وفر لموضوعاتهن مساحة للنشر. ومن النتائج الهامة: أن الموضوعات التى ترکز على الکشف عن السلبيات وإيصال الأصوات المطالبة بالحقوق غالباً ما تهيمن على تحريرها المرأة بما يوضح دأب الصحفيات النساء على القيام بأدوار هيمن عليها الرجال فى المجال الصحفى؛ وهى تلک الأدوار المتعلقة بملاحقة المشاکل المستتره وعرضها للرأى العام.
2. سيطرت أصوات الرجال کمصادر وبنسب فارقة عن أصوات النساء، وبشکل يتضح معه التهميش "بقصد أو بدون قصد" للمرأة کفاعل فى الحياة الاقتصادية. وهو ما ينعکس على تنميط المرأة وحصرهن بأدوار تقليدية تعوق عملية تمکينها داخل المجتمع. وبلغت مجمل نسبة ظهور أصوت النساء فى صحف الدراسة 6.8% وجاءت فى الترتيب الخامس من حيث الاعتماد. وهذه النسبة مع ضئالتها لا يمکن اعتبارها تمثيل حقيقى لأصوت النساء؛ لسبب أساسى هو: أن 64.0% من هذه النسبة يعود الفضل فيها فقط للوزيرات النساء، وهو ما يعنى أن إذا حدث تعديل وزارى وغابت المرأة عن هذه الحقائب سيظهر بشکل جلى الإبادة الرمزية لصوت المرأة کفاعل فى الحياة الاقتصادية من وجهة نظر الممارسة الصحفية. ومن النتائج المثيرة للجدل عدم دعم المحررات النساء للمصادر النساء، حيث أوضحت الدراسة أن أصوات النساء غالباً ما تجد لنفسها حيز فى التغطية الصحفية من خلال أقلام المحررين الرجال، بينما تميل المحررات النساء إلى الاعتماد على أصوات الرجال؛ وقد يعود ذلک لعدة أسباب أبرزها: غلبة القيم الذکورية على الصفحات الاقتصادية مما يجعل المحررات يعتنقن هذه الثقافة الذکورية فى محاولة لإثبات الذات والقدرة على الوصول لما يصل له الرجال من أنماط معينة من المصادر، حتى وإن تطلب ذلک إهمال فکرة مساندة الحرکة النسوية.
3. أعطت التغطية والمصادر الصحفية قيمة لنشاط الرجال وتأثيرهم على الحياة الاقتصادية عن نشاط المرأة؛ وهو ما يعکس محدودية دور المرأة فى الحياة الاقتصادية وأن ما ينتج عنهم من أنشطة فى المجالات التجارية والصناعية والمصرفية... وغيرهم؛ ليس له تأثير واضح على عجلة الاقتصاد وبالتالى لا يستدعى بالضرورة جعله موضع اهتمام المصادر والتغطية، وذلک على خلاف نشاط الرجال الذى تم التعامل معه على أنهم فاعلون حقيقيون فى الحياة الاقتصادية وما ينتج عن نشاطهم يمکن أن يؤثر بشدة فى مجريات عجلة الاقتصاد.
 (وعلى خلاف موقف المحررات النساء من المصادر النساء) يتضح وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوع مصادر المعلومات الصحفية وحجم تمثيل المرأة کقوى فاعلة بالموضوعات الاقتصادية؛ حيث کانت قيمة کا2 فى صحيفة الأهرام 640.219 وفى صحيفة المصرى اليوم 481.461 وفى صحيفة الوفد 401.764 وفى صحيفة المال 2830.482. وهى دالة إحصائياً عند مستوى معنوية أقل من 0.05 فى صحف الدراسة. فنجد أن المصادر النساء يُبرزن المرأة کقوى فاعلة فى الحياة الاقتصادية، بينما يميل المصادر الرجال إلى إبراز الرجال الفاعلين؛ وقد يعود ذلک لعدة أسباب؛ أبرزها: أن النساء الفاعلات فى الغالب هن أصحاب السلطة مثل الوزيرات وبالتالى يصبح من الطبيعى تتبع أخبارهن وأنشتطهن، وکذلک أن أحياناً يتوحد المصدر والقوى الفاعلة فى شخص واحد. واتضح أن النوع الاجتماعى ليس عامل حاکم فى تحديد القوى الفاعلة المؤثرة على الحياة الاقتصادية، وأن العامل الأکثر تأثيراً هو السلطة والنفوذ بما تملکه على قدرة لإصدار القرارات ومتابعة أوضاع کافة القطاعات الاقتصادية وضبط الأسواق وتنظيم العمل. وهو ما يعنى بالضرورة أنه إذا غابت المرأة عن أياً من الحقائب الوزارية وخاصة حقيبتى التجارة والتخطيط ستختفى المرأة من خريطة الفاعلين الأساسيين فى التغطية الصحفية الاقتصادية.
وأوضحت النتائج أن فيما يتعلق بالنوع الاجتماعى تم نسب الأفراد (رجال/نساء) للأدوار الإيجابية فقط فى کافة الصحف ما عدا صحيفة المال حيث ظهرت أدوار سلبية بنسب محدودة للغاية سواء للرجال فقط (7) موضوعات أو للمرأة فقط موضوع واحد. وهو ما يعنى أن الدور الرئيسى الذى لعبه الرجل والمرأة وفقاً لأصوات المصادر فى التغطية الصحفية هو المسئولية؛ بمعنى: القيام بتصرف مسئول له مردود إيجابى على الوضع الاقتصادى مثل: المشارکة المجتمعية، دعم المواطن والحرص عليه وتأمين احتياجاته، تقديم المعلومات المبسطة للمواطنين، إنشاء وتطوير، دعم القطاعات الصناعية والتصديرية، الإعمار والتنمية، تعزيز العلاقات الخارجية، تعزيز الاستثمار وزيادته، ضبط الأسواق/جمارک، اتخاذ قرارات استباقية لمواجهة الأزمات، متابعة وتنظيم سير العمل، التحفيز ورفع کفاءة العاملين، المطالبة بالدعم/الحقوق، تطوير المهارات، إطلاق منتجات ومشروعات جديدة، التميز، المنافسة.

الكلمات الرئيسية