استخدام طالبات الجامعات المصرية والسعودية لوسائل الإعلام الجديد وعلاقته بالتوافق النفسي الاجتماعي لديهن

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الإعلام بمعهد الدراسات العليا للطفولة - جامعة عين شمس

المستخلص

مع تطور الانترنت و ظهور الجيل الثاني من صفحات الويب (Web 2.0)  ، وظهور الشبکات الاجتماعية کالفيس بوک (Facebook) و تويتر (Twitter) و ماي سبيس (Myspace) و يوتيوب (YouTube) التي وفرت لمستخدميها بنية تفاعلية افتراضية ( Virtual Interactive Environment ) نجحت في استقطاب العديد من الفئات العمرية دون اعتبار للفوارق الجغرافية والعرقية والجنسية أو السياسية أو الدينية والاقتصادية ، وبالتدريج تحولت هذه الأدوات الى القاسم المشترک في حياة المجتمعات، واحتلت مساحة کبيرة من وقت واهتمام جميع فئات المجتمع خاصة الشباب الذين هم أکثر کفاءة في استخدام هذه الاجهزة والوسائل والتعامل مع تطبيقاتها المختلفة ، وإذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المجتمعات العربية وما تعانيه من نقص في الحريات الأساسية کحرية الرأي و التعبير والتواصل يمکن أن ندرک أحد أسباب أهمية هذه الادوات النافذة الى هذا العالم الجديد للمستخدمين العرب وتفسير الزيادة الکبيرة في أعداد مستخدميها .
وتشير نتائج الدراسات الى أن السعودية و مصر هما أکثر دول المنطقة استخداما لهذه التقنيات وعلى الاخص شبکات التواصل الاجتماعي خاصة مع دعم هذه الشبکات الاجتماعية للغة العربية بشکل تام، واشار تقرير الاعلام الاجتماعي العربي الصادر في عام 2012 إلي أن مستخدمي موقع " الفيس بوک " قد تجاوز 677 مليون مستخدم في أبريل من نفس العام(2) کما تجاوز عدد مستخدمي تويتر 200مليون في نهاية مارس 2012 ليبلغ إجمالي عدد" التغريدات " التي يرسلها هؤلاء أربعة مليار تغريده شهرياً، وعلي مستوي الواقع في المملکة العربية السعودية جاءت احصائيات عام 2012 لتشير إلى العدد الکبير لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية حيث بلغ عدد مستخدمي فيس بوک ( Facebook ) في المملکة أکثر من 4,5 ملايين مستخدم ، و393  ألف مستخدم نشط لتويتر ( Twitter)(3)، أما يوتيوب (YouTube) فقد أعلنت شرکة جوجل في نهاية 2012 تصدر المملکة العربية السعودية عدد مرات تشغيل الفيديو في المنطقة العربية حيث بلغ عدد مشاهدات الفيديو 190 مليون مشاهدة يوميا من أصل 240 مليون مشاهدة في الشرق الأوسط(4) ، وأصبح من الضروري الاهتمام بإجراء المزيد من الدراسات التي تهتم بمعرفة الآثار النفسية  والاجتماعية ، الإيجابية و السلبية لاستخدام هذا الإعلام الجديد من قبل الشباب ، وانعکاس ذلک علي حياة الشباب و تفاعلاتهم الاجتماعية بسهولة خاصة مع إشارة  بعض الأکاديميين إلى أن من يتعرضون لرسائل الإعلام الجديد بکل أدواته ومفرداته هم أکثر عرضة للتحول إلى أشخاص منعزلين اجتماعيًا ، إضافةً إلى الإصابة بالاکتئاب کون هذه الوسائل قلصت المسافة بين أفراد المجتمع وبنفس الوقت زادت من الهوة بين أفراده کون التواصل يتم عبر حلقة ضيقة ومحدودة ولا شک ان لها تأثير على النفس البشرية وذلک بفقدان التواصل الحقيقي والوجداني ، وان حصر التواصل الاجتماعي من خلال التقنية فقط يدخل الفرد في دائرة العزلة عن محيطه الاجتماعي مما يسبب له الکثير من الأمراض النفسية ومنها الرهاب الاجتماعي والاکتئاب والقلق والانطوائية وضعف الروابط الاسرية بالمجتمع ،فيصبح الفرد معرض للفشل في إقامة العلاقات مع الآخرين والاندماج في المجتمع .
  والمؤکد أن مثل هذه الآثار السلبية قد انعکست علي درجة توافق الفرد النفسي والاجتماعي ، وخلق حالة من سوء التوافق بين الفرد وذاته ، والفرد والمجتمع المحيط به ، وظهر ذلک جليا من خلال الانتشار المتزايد لبعض الظواهر الجديدة على مجتمعاتنا العربية والاسلامية ومنها علي سبيل المثال الاهتمام الزائد بالجمال الوجهي والجسمي عند النساء والرجال ، واشارت الدراسات إلي أن احد أهم اسباب هذه الزيادة الکبيرة تسليط الاعلام على صورة معينة ويمکن وصفها بالنمطية للجمال، تتعلق بالنحافة والوجه ذو السمات المعينة، واشارت تقارير نشرت في مايو عام 2013 أفادت بأن المرأة السعودية الأولى بين نساء العرب في عمليات التجميل، وذلک بحسب إحصائية أجرتها الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، التي کشفت أن الإقبال على عمليات التجميل آخذ بالانتشار بين الشابات في سن تتراوح ما بين 19 و30 عاما. وبذلک تشغل المملکة العربية السعودية موقعا متميزا بين أول 25 دولة في العالم من حيث معدل عمليات التجميل، وتشارک في هذا المضمار کلا من أمريکا والهند والصين والبرازيل والمکسيک، کما أشارت إحصائية الجمعية الدولية للجراحة التجميلية. (*)وعلي الرغم من اختلاف الاوضاع السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية التي تعيشها الفتاة المصرية عن الفتاة السعودية لاختلاف طبيعة المجتمعين والمستوى الاقتصادي والاجتماعي ودرجة الانفتاح والتحرر المختلفة الموجودة فيهما ، وهو ما ينعکس بالطبع علي اهتمامات واولويات الحياة عند کل من الطالبة الجامعية المصرية والسعودية، الا ان المؤکد ان الفتاة المصرية هي ايضا تأثرت ولکن بدرجات واشکال مختلفة بالإعلام الجديد ورسائله الخاصة بمفهوم الجمال وسماته ومحدداته ، حيثتشير أرقام الجهاز المرکزي للتعبئة والإحصاء إلى وصول عدد عمليات التجميل للنساء في مصر ما بين 50 و100 ألف عملية سنوياً، بخلاف العمليات التي يجريها مشاهير المجتمع في الخارج، وان نسبة انتشار هذه العلميات بين الفتيات والنساء المصريات وصلت الى 92%،  کما کشفت تلک الدراسات عن أن ست نساء في مصر من بين کل عشر لا يعجبهن شکلهن، يوافقن على إجراء عمليات تجميل إذا کان ذلک في إمکانهن مادياً ولا تشوبه مخاطر کبيرة.
  وهوما يؤکد حالة عدم الرضا الدائمة التي تعيشها الفتاة السعودية والمصرية عن جسمها ووجهها نتيجة تلک الرسائل الملحة اليومية التي تتعرض لها عبر وسائل الإعلام الجديد بکل أدواته والتي تقدم لها نموذجاً معيناً من الجمال يجعلها تعيش فيه طول الوقت، حتى تبدأ بالتدريج في رفض صورة وجهها وجسمها الحالية وتبدأ في البحث عن الطرق التي تحقق لها هذه الصورة النمطية للجمال وهو ما يدفعها الى طريق عمليات التجميل لاسيما بين شابات في هذا السن الصغير.
ومع الازدياد المستمر لاستخدام الفتيات لهذه الادوات والتنافس الرهيب بين هذه الوسائل الحديثة في جذب الجمهور بدأت تظهر العديد من السلوکيات الاجتماعية والنفسية السلبية والايجابية المرغوبة والمرفوضة وکان لابد من معرفة هذه الاثار والوقوف على مدى انتشارها ودرجة خطورتها ...من هنا تحددت المشکلة البحثية لهذه الدراسة في الاجابة على التساؤل التالي " ما هي الآثار النفسية و الاجتماعية لاستخدام طالبات الجامعات السعودية والمصرية  لوسائل الإعلام الجديد علي التوافق او عدم التوافق النفسي الاجتماعي لديهن ، وذلک تطبيقا على ظاهرتين هما " العزلة الاجتماعية ، وعدم الرضا عن صورة الجسم لديهن".

الكلمات الرئيسية